ذكرى لن تمحى

ها هو قادم نحوي ... لا ادري ما الذي حصل و كيف وصلت إلى هنا ، لكنه بالتأكيد هو السبب ... كل ما اذكره هو أنني كنت اجلس على مكتبي أتصفح بعض الأوراق و أستعد للغد، و فجأة وجدت ذلك الدفتر العتيق... على طرف تلك الطاولة الخشبية المهترئة ..... لا أدري من الذي وضعه هنا، لكني شعرت به ينادي لكي أتصفحه.....
على الرغم من كل المشكلات التي سببها لي لازلت أحبه ، و على الرغم من كل اللحظات الحزينة التي كان هو سببها لازلت أحبه و سأظل أحبه و أذكره إلى الأبد .
أمسكت بذلك الدفتر العتيق ... الذي يفترض أن يكون لونه ابيض ، تلوثت يداي بالغبار المصاحب لذلك الدفتر الجميل ... الغبار الذي لازمه منذ فترة ليست بالقصيرة....
تلك الموسيقى في داخلي ... تلك الاوركسترا التي تعزف لحنا قديما كنت أحبه جدا ، جعلتني اشعر بذلك الشعور القديم ... لم استطع مقاومة فتح ذلك الدفتر العتيق... ففتحته ... و هبت ريح باردة لم أستطع تفسيرها ، سرت قشعريرة في جسدي ... و رأيتهم ... رأيتهم كلهم .... عائلتي الحبيبة ... لم أرهم منذ فترة طويلة .... قلت لهم بصوت لم يسمعه أحد سواي: " أحبكم... أحبكم جدا " ...
و بدأت أجول تلك الغرف الصغيرة الجميلة ... الغرف المليئة بالذكريات الجميلة و الحزينة ... أصدقائي كلهم هناك ... اقتربت نحوهم .... يبدون سعداء ... لكن ما الذي حصل ... ما بكم لا تتكلمون ؟؟؟ ... ما بكم ما الذي حصل ؟! .. أشارت إحداهن إلي لأنظر خلفي ... فوجدته .... وجدته هناك ... في آخر ذلك الرواق الطويل المظلم .... نظرت إليهم مرة أخرى فإذا بهم كلهم يهربون .... يبتعدون .... فوجدت قدماي تُسرع لألحق بهم ... و أهرب معهم ... لكن ما الفائدة ... فهو يقترب بسرعة ... و يكسر كل شيء في طريقه ... قطّع حتى خيوط الصداقة التي كانت تجمعنا .... و كنت أظنها حديدية ... لكن تبين لي الآن أنها لم تستطع التماسك أمامه ... الدمار حل على كل شيء في طريقه ... كان يقصدنا كلّنا ...
وها أنا الآن لازلت أركض محاولة الفرار ... لكن بلا جدوى ... فذلك الشبح المخيف قادم لا محالة ... ذلك الشبح الذي يسميه البعض :

" التوجيهي "